الحمد لله والصلاة السلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
فلقد استقبلت نبأ استشهاد الشيخ العامل الكبير أحمد ياسين وأنا في المؤتمر السابع للإعجاز العلمي في دبي، وشتان ما بيننا والله.
فهذا رجل عظيم، يموت وقد لقي ربه وقد قدم كل ما يستطيع - وهو الشيخ المقعد - وأنا في ردهات فندق ذي خمسة نجوم، أحاول أن أسدد وأقارب، فإنا لله وإنا إليه راجعون! ! وأرجو أن يغفر الله لي قعودي وضعفي وتهاوني وادعائي وكثرة كلامي وقلة فعالي.
وأنا أقول نعمة الشهادة لأني أرى – والله أعلم – ما يلي:
أولاً: إن الشهادة نعمة وأية نعمة، يتمناها الأبطال وينادون بأنها أسمى أمانيهم، ويتخوف منها الجبناء الخاضعون ويتجنبونها بقدر ما يستطيعون من ذل وهوان، وموت هذا الرجل العظيم على هذا الوجه هو تحقيق لأمنيته التي طالما رددها على قلبه و لسانه.
ثانياً: إن هذه الشهادة نعمة عظيمة على حماس التي أسسها هذا الرجل وسقاها بوقته وجهده وما يملك، ثم سقاها من دمه الطاهر الزكي وودعها راضياًرضي الله تعالى عنه، والنعمة على حماس تتمثل بأنها ستتخذ من هذه الشهادة منطلقاً ووقوداً لانطلاقه أعظم، وأن جماهير المسلمين ستجتمع حولها وتناصرها.
وتحقق لها ومعها كثيراً من أهدافها، أي نعمة أعظم من هذه! ! وهي نعمة على إخوانه تنفي عنهم الوساوس، وتزيد من يقينهم وقناعاتهم بأهمية مواصلة طريق الجهاد حتى تخليص فلسطين من دنس إخوان القردة والخنازير، وقد سمعنا من تصريحاتهم ما يؤكد هذا ويثلج الصدر من نعمة حصول الشيخ على الشهادة.
ثالثاً: إن هذه الشهادة نعمة على أهل فلسطين، فهي تثبت بوضوح وجلاء أن كل محاولات السلام مع هذه العصابات المجرمة إنما هو عبث وتضييع أوقات ثمينة، وهذا برهان ونعمة يوضح لهم هذا، ونعمة تظهر أن هذا الشعب مؤمن لا يموت.
وأن كل محاولات تركيعه لن تجدي شيئاً، وأن دم الشيخ الكبير أحمد ياسين سيذكر أهل فلسطين دوماً وأبداً بعظمة أبنائهم المسلمين وبناتهم المسلمات، وأنهم مطالبون بقوة وفي المقام الأول بين الشعوب الإسلامية، بالوقوف أمام إخوان القردة والخنازير، وعمل كل ما في وسعهم لإكمال المسيرة المباركة التي أسسها الشيخ رحمه الله تعالى، ولا ينبغي لهم أن ينتظروا مساعدة أحد، وإنهم قادرون بإذن الله على تلقين إخوان القردة والخنازير أعظم الدروس.
رابعاً: إن هذه الشهادة نعمة على الشعوب الإسلامية قاطبة التي ظن الظانون أنها ماتت وانتهت منذ زمن، لكننا نرى اليوم التفاعل الكبير مع الشهادة التي حظي بها الأستاذ الشهيد رحمه الله تعالى، وهذه الشعوب تنتظر اللحظة المناسبة للانقضاض على إخوان القردة والخنازير ومن يعاونهم وتمزقهم إرباً إرباً وتطردهم من أرض فلسطين الطاهرة، {ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريباً} .
وإني لأرى والله بشائر النصر القريبة منطوية بين ثنايا الأحداث وستنتشر في الوقت الذي يقدره الله تعالى، وكل ما يرى اليوم من محاولة تطويع الشعوب الإسلامية وإذلالها إنماهو ذاهب أدراج الرياح وستفيق الشعوب قريباً تحت مطارق التذكير بعزتها وكرامتها وعظمة ميراثها، وأنها قادمة بقوة لتتسنم ذرى المجد والتمكين إن شاء الله تعالى.
خامساً: إن هذه الشهادة نعمة وشهادة على عظمة تعاليم هذا الدين العظيم، الذي يبث في أبنائه وبناته العزة والكرامة، ويحملهم على تقديم نفوسهم الطاهرة راضين مستبشرين، فأي تعاليم أعظم من هذه.
وأجزم أنه لو حصل ما حصل في فلسطين في بلاد غير إسلامية على مدار أكثر من مائة سنة لاضمحلت قواها ولضعفت وتلاشت مقاومتها، و لاستبيحت أرضها لكن المسلمين هم المسلمين، أصحاب عزة وكرامة، وتعاليم دينهم توقد هذه العزة والكرامة فالله أكبر ولله الحمد.
وللحرية الحمراء باب ** بكل يد مضرجة يدق
وختاماً أقول: هنيئاً والله لهذا الشيخ المبارك هذه الميتة الشريفة التي بلغه الله تعالى إياها، وأسأل الله لي ولأحبابي ميتة كهذه، وأبشر القراء الكرام بأن هذه الأحداث مقدمة لأحداث أعظم، وأن الأمة ابتدأت تلمس الخطوات الأولى للتمكين.
وأن كل هذا كل الذي يجري في أرض فلسطين الطاهرة وغيرها إنما هو كالظلام الدامس قبل الفجر الباسم، وأننا موعدون بالنصر لا محالة وعلينا أن نعمل على هذا التمكين وأن نجعله واقعاً في دنيانا، ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه، إن الله لغنى عن العالمين، الله أرحم عبدك الأمين أحمد بن إسماعيل ياسين وارض عنه يا رب العالمين، وتقبله في الشهداء الخالدين، والله أكبر ولله الحمد.
المصدر: موقع التاريخ